التحلية في الخليج العربي.. تجارب رائدة

image of التحلية في الخليج العربي.. تجارب رائدة

ظلت مشكلة الموارد المائية في العالم تطرح تساؤلات عديدة بشأن المستقبل الذي ستعيشه الأجيال القادمة إذا لم يتم توفير المياه العذبة الكافية، فمع الزيادة السكانية وارتفاع مستوى المعيشة ازداد استهلاك الماء، الأمر الذي دفع بالمنحنى التصاعدي لمعدل الطلب المائي العالمي، والذي من المتوقع أن يستمر في الارتفاع لعقود طويلة قادمة، ويعتقد العديد من العلماء والمختصين في الاستشراف أن القرن الحالي سيشهد صراعات عنيفة حول استغلال مصادر المياه على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

 

المملكة العربية السعودية

حظي قطاع المياه في المملكة العربية السعودية باهتمامٍ بالغ، إذ شهدت صناعة التحلية الكثير من الإنجازات على كافة الأصعدة، فاحتلت موقع الصدارة والريادة، فقد عرفت المملكة تحلية المياه منذ حوالي 100 عامٍ من خلال عملية التكثيف لتقطير مياه البحر، وذلك بالتحديد عام 1928 عندما تم إنشاء وحدتي تكثيف لتقطير مياه البحر الأحمر لإمداد مدينة جدة بالمزيد من ‌مياه الشرب، ثم أنشئت المراحل الأولى للتحلية في كل من محافظتي الوجه وضباء الواقعتين على ساحل البحر الأحمر، وتلتها محطة التحلية في محافظة جدة المرحلة الأولى. وتواصلت جهود التوسع والتطور في صناعة تحلية المياه المالحة بعد صدور المرسوم الملكي بإنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة عام 1974.

وتعد المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة مؤسسة حكومية سعودية تعنى بتحلية مياه البحر وإنتاج الطاقة الكهربائية، وإيصال المياه المحلاة المنتجة لمختلف مناطق المملكة العربية السعودية، لتباشر أعمالها بإنشاء محطات لإنتاج المياه المحلاة.

وقد بلغ عدد منظومات المؤسسة 32 محطةٍ موزعةٍ على الساحلين الشرقي والغربي من المملكة، تنتج هذه المحطات 5.9 مليون متر مكعب يومياً، ويمثل إنتاج المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة أكثر من 74.6% من إنتاج مياه التحلية في المملكة، والبقية تنتج من خلال محطات القطاع الخاص، ويبلغ إنتاج المملكة من المياه المحلاة أكثر من 7.9 مليون متر مكعب يومياً، وهذه الكمية تمثل ما نسبته 55% خليجياً، كما تبلغ نسبة إنتاج المملكة من المياه المحلاة عالمياً 22.2% وبهذه الإنجازات تكون المملكة رائدة هذا المجال عربياً وعالمياً.

الإمارات العربية المتحدة

أولت دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً بمشروعات تحلية مياه البحر لسد النقص في المخزون المائي، وساعدها على ذلك موقعها المطل على مسطحين مائيين هما: الخليج العربي وخليج عمان، إذ تنتج الإمارات حالياً ما يعادل 14% من إجمالي الإنتاج العالمي من المياه المحلاة، وبهذا احتلت المرتبة الثانية عالمياً بعد المملكة العربية السعودية، ويصل عدد محطات التحلية إلى 70 محطةً رئيسةً في مختلف أنحاء الإمارات.

تبلغ كمية مياه التحلية المستخدمة في الإمارات نحو 2.4 مليون متر مكعب، ومن المتوقع أن تصل إلى ما يقرب من 5,8 مليون متر مكعب بحلول عام 2025.

الكويت

نجحت الكويت منذ أكثر من نصف قرنٍ من إدارة استقلالية المياه العذبة التي تتوفر عن طريق الاكتفاء الذاتي بواسطة استخدام أنظمة تحلية المياه لتحويل مياه البحر التي يمكن الحصول عليها بسهولة لمياه شرب خالية من الملح، وذلك في عام ١٩٥١ حيث قامت شركة نفط الكويت بإنشاء محطةٍ صغيرةٍ لتقطير مياه البحر في ميناء الأحمدي، بطاقة إنتاجية قدرها ٨٠ ألف جالون من المياه العذبة يومياً يتم نقل قسم منها إلى مدينة الكويت عبر خط أنابيب.

وتوالت يعدها عمليات إنشاء محطات لتحلية المياه، حيث توجد ثماني محطاتٍ لتحلية المياه في الكويت، تقع على طول الساحل بطاقةٍ إنتاجيةٍ تبلغ 3.1 مليون متر مكعب من المياه يومياً.

عمان

كالعديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط، يواجه قطاع المياه في عُمان تحدياتٍ متعددة، مثل شُح المياه، وارتفاع الاستهلاك والكثافة السكانية، لذلك تحرص سلطنة عمان على دعم الأبحاث التي من شأنها أن تقدم حلولاً لهذه التحديات، وبناءً على ذلك أنشأت السلطنة العديد من محطات تحلية المياه، فمنذ افتتاح محطة الغبرة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء عام 1975، توالى بعدها إنشاء العديد من المحطات لتحلية المياه في جميع أنحاء السلطنة، حيث بلغ عدد محطات التحلية حوالي 47 محطة موزعة في أنحاء السلطنة وبطاقة إنتاجية تصل إلى حوالي 400 مليون متر مكعب في سنوياً.

قطر

تعتبر مياه البحر أكثر مصادر المياه أهمية لسكان دولة قطر، كون البلاد تقع في مناخ جاف مع قلة مصادر المياه الجوفية ومياه الأمطار، لذلك تُعدُ تحلية مياه البحر المصدر الرئيسي للمياه في قطر، حيث توفر ما يصل إلى 90٪ من احتياجات مياه الشرب، وتدعم كذلك مجموعةً واسعةً من الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية.

وعلى الرغم من استخدام التحلية الحرارية للمياه على نطاق واسع، إلا أن قطر تتجه نحو بناء محطات تحلية غشائية أكثر كفاءة في استخدام الطاقة توظف تقنية التناضح العكسي، وقد تضاعف إنتاج المياه المحلاة أربعة أضعاف خلال العقدين الأخرين، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة، حيث أن محطة المياه الجديدة التي تم تأسيسها ستزيد من سعة الإنتاج.

البحرين

تقع البحرين في بيئة جغرافية قاحلة إلى قاحلة للغاية، كما لا تمتلك أي سدود أو آبار كبيرة لسد حاجتها من المياه، لذلك تتكون البُنية التحتية للمياه في البحرين بشكل أساسي من محطات تحلية مياه البحر والتي تغطي أكثر من 80% من احتياجات البلاد من المياه.

وتعتبر البحرين من الدول الرائدة في مجال تحلية مياه البحر، حيث بدأت بتشغيل أول محطة لتحلية المياه في البلاد عام 1975، كما تمتلك الآن عدداً من محطات التحلية في جميع أنحاء البلاد وبطاقة إنتاجية تصل إلى أكثر من مليون متر مكعب من المياه يومياً أي حوالي 300 مليون متر مكعب سنوياً.